محكمة العدالة المناخية
في ال 30 من مارس الماضي، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع قراراً تاريخياً، يتعين بموجبه على محكمة العدل الدولية إبداء رأيها حول واجبات الدول في مجال مكافحة تغير المناخ أو ظاهرة الاحتباس الحراري، التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، ما يؤدي إلى تفاقم الظواهر المناخية مثل الأعاصير والفيضانات وموجات الجفاف، فضلاً عن ارتفاع مستوى سطح البحر، مما يهدد بغرق عديد من المدن الساحلية.
وعلى مدار العقود الماضية، كثف القادة حول العالم جهودهم لمواجهة تغيّر المناخ، فتم وضع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التي وقّعها قادة العالم في «قمة الأرض» في عام 1992، لتأسيس هيكل قانوني عريض للتعاون العالمي في شأن مكافحته، ثم جاء توقيع «بروتوكول كيوتو» في عام 1997، الذي تطلب إجراءات لتخفيف الانبعاثات من عدد محدود من البلدان الصناعية المسؤولة عن الجزء الأكبر منها في العالم، في ما يعتبر «اتفاق باريس» الذي تم توقيعه عام 2015 خطوة أكثر تقدماً من «اتفاق كوبنهاغن» لعام 2009، الذي وضع من مجموعة صغيرة من الدول، مما ترك معظم البلدان على الهامش.
وتنص الاتفاقية الإطارية و«اتفاق باريس» على أن الدول المتقدمة ستوفر الدعم المالي وغيره، إضافة إلى أشكال المساعدة الإنمائية الأخرى للدول النامية من خلال ثلاثة مبادئ، هي المبدأ الوقائي، ومبدأ الحق في التنمية، ومبدأ الاشتراك في المسؤولية المتباينة وفقاً لقدرات كل بلد.
ومن المفارقات في ما يتعلق بقضية التغير المناخي، أن الدول الأقل تسبباً في الظاهرة هي الأكثر تأثراً بعواقبها، وينطبق ذلك بشكل رئيس على دول الشرق الأوسط والنامية بشكل عام، إذ تتصل الانبعاثات الضارة المسببة للظاهرة بالنشاط الصناعي للدول الصناعية الكبرى، كما أن الظاهرة هي نتاج ممارسات للدول التي حققت تنمية بالفعل على مدار عقود من الزمن.
وعلى رغم تلك الجهود العالمية المتواصلة التي شملت تأسيس مؤتمر سنوي رفيع المستوى لمناقشة قضايا المناخ، قاوم عديد ممن في السلطة وأصحاب المصلحة الجهود المبذولة لتوجيه التقنيات والأنشطة البشرية إلى مسار أقل تدميراً وأكثر استدامة، وربما ضاعفوا من الممارسات التي تزيد من أزمة الاحترار العالمي.
وبينما لم تفِ عديد من الدول والمؤسسات بالتزاماتها على مدار العقود الماضية، باتت هناك حاجة ملحة لهيكل قضائي تحتكم إليه الدول المتضررة ودعاة العدالة المناخية للضغط على الدول الأكثر تسبباً للظاهرة ممن لا تبذل ما يكفي من جهود للتصدي لحالة الطوارئ الناجمة عن تغير المناخ، وهو ما يقودنا إلى السؤال عن سبب غياب محكمة متخصصة بهذا الشأن..












