ما أبعدك يا بحر

Image

تأخذ ثقافة البحر في الإمارات شكل غريزة أو طفولة، أو أنها طبع فطري تلقائي، فحتّى سكان البيئتين: الجبلية، والصحراوية لهم شغفهم الخاص بالبحر الذي يشكل، جغرافياً وجمالياً، جزءاً حيوياً من أصالة الثقافة المحلية، الأمر الذي دفع بالكثير من باحثي الثقافة الشعبية إلى اعتبار البحر عنصراً مكانياً بالغ الأهمية في البحث الميداني، والتاريخي في الإمارات.

وضع عبدالعزيز جاسم، وهو شاعر ومهتم جذرياً بالفلسفة وآداب الشعوب الروائية والشعرية كتيباً صغيراً حول ثقافة البحر في الإمارات بعنوان «مجهول البحر ومعلومه»، إصدارات: دائرة الثقافة في الشارقة 2002، في 80 صفحة فقط من القطع المتوسط، ولكنه، في رأيي الحيادي، يكثف 800 صفحة من التأمل الجديد في ثقافة مكانية إماراتية تحتاج إلى الكثير من القراءة في أكثر من مستوى بحثي علمي وجمالي في الوقت نفسه.

على صعيد الأدب الإماراتي، وبخاصة السرد منه، ما من رواية محلية إلا تكاد تحمل ثلاث مفردات أساسية: الغوص، اللؤلؤ، النوخذة.

ولعل رواية «في فمي لؤلؤة» للشاعرة والرسامة ميسون القاسمي، تشكل في هذا السياق وثيقة أو تاريخاً لثقافة البحر في الإمارات.

اقرأ معي مقطعاً من رواية ميسون هو عبارة عن فقرة من رسالة كتبها شخص يدعى وليم إلى صديق له هو جيرارد يصف فيها عالم الغواصين واللؤلؤ والبحر بشكل عام: يقول: «يذهب الغواص في غوصه إلى عمق البحر حاملاً أدواته.

هو محارب شريف لا يقطع شجرة، ولا يعبث بشيء غير المحار، يذهب لجلبه والعودة، لا وقت له سوى أن يتعلق بأمل أن يجد ضالته سريعاً ويعود، دوره مرسوم له لا أكثر ولا أقل، دوره الذي يلعبه بلا تنفس، كفلاح يفلح البحر ويجني اللؤلؤ، وكل حين يقدم أحدهم جسده للبحر، عوضاً عن اللؤلؤ، فيغرس جسداً، ويقطع محاره».

تلك الأجساد التي انغرست في البحر في زمن اللؤلؤ، والتي أشار إليها كاتب الرسالة هي أجساد شهداء البحر أو شهداء الماء.

ومن جهة أخرى كان أولئك أبطال البحر وأبطال الماء.

وكانت حروبهم ليست على اليابسة حيث يعيش الناس والأطفال والشجر والحيوان، فأصحاب الحروب على وجه الأرض لا بد أن يقطعوا شجرة أو يقطعوا شعباً أو بلداً بأكمله، لكن البحّار تحت الماء لا يقتل إنساناً ولا يؤذي سمكة.

كل همّه هو تلك المحارة، وما ثمنها؟ حياته.

في اللحظة التي ينقطع فيها تنفّسه تحت الماء، أو يغفل عنه «السيب» الذي يمسك بحبل النجاة.

أدب ما تحت الماء، أو أدب البحر، بما فيه من شهداء وأبطال ومسافرين أبديين في الأزرق اللامتناهي والبعيد، هو الأدب الذي ينتظر الاكتشاف والغوص، لكن عن طريق بحّارة مختلفين هذه المرّة: إنهم بحّارة الكتابة..

الروائيون والشعراء..

اقرأ القصة الكاملة من الموقع الرسمي