ماكرون يغرد وحيداً

Image

ليست المرة الأولى التي يطرح فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أفكاراً عن استقلال أوروبا الاستراتيجي، والجيش الأوروبي الموحد، وتقليل الاعتماد على السلاح ومصادر الطاقة الأمريكية، لكنه المرة الأولى التي يدعو فيها إلى تجنب الانجرار لمواجهة بين الصين والولايات المتحدة بشأن أزمة تايوان، وإلى «هندسة أمنية أوروبية ناجعة ومتوازنة ومستدامة».

ماذا يعني ذلك؟ بالمفهوم الاستراتيجي للعلاقات الدولية، وخصوصاً تلك القائمة بين ضفتي الأطلسي، أي بين دول حلف الناتو والولايات المتحدة، فإن لدى الرئيس الفرنسي مقاربة مختلفة لهذه العلاقات، فهو يرى أن العلاقات الأوروبية مع واشنطن يجب أن تسلك طريقاً آخر خارج مظلة حلف الناتو، أي خارج المظلة الأمنية الأمريكية، بمعنى أن تكون لدى أوروبا استقلالية أمنية.

وبخصوص الأزمة التايوانية فهو يرى أن هذه أزمة تخص الولايات المتحدة ولا دخل لأوروبا بها، أي إن على القارة الأوروبية تجنب الانجرار إلى مواجهة بين الصين والولايات المتحدة، وهذه الدعوة تتناقض مع المساعي الأمريكية المتواصلة لإقامة تحالفات سياسية وعسكرية في أوروبا والعالم لمواجهة الصين ومحاصرتها.

هل يستطيع ماكرون تحقيق أهدافه؟ سؤال يستدعي النظر إلى العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي مع بعضها بعضاً، وبينها وبين الولايات المتحدة.

من الواضح أن دول الاتحاد الأوروبي ليست متفقة على سياسة خارجية واحدة حول العديد من الأزمات الدولية وتحديداً بشأن الحرب الأوكرانية والعلاقات مع الصين، فمنها من يؤيد واشنطن بالمطلق مثل دول أوروبا الشرقية، ومنها من يؤيدها بتحفظ مثل فرنسا وألمانيا، ومنها من يعارض، مثل المجر وصربيا.

لذلك فإن رؤية ماكرون «الاستقلالية» لن تجد من يقبل بها بسهولة، إذا ما أخذنا في الاعتبار مدى النفوذ الأمريكي في أوروبا وقدرة واشنطن على ممارسة الضغوط لإبقاء القارة تحت المظلة الأمنية الأمريكية.

يذكر، أن فرنسا كان لها موقف مميز تاريخياً في علاقاتها الخارجية، ثم في علاقاتها مع حلف الناتو.

فقد أعادت العلاقات الدبلوماسية مع الصين الشعبية عام 1964، وذلك عجّل باعتراف الرئيس الفرنسي شارل ديغول رسمياً بالصين كأول دولة غربية تقوم بذلك.

وفي عام 1966 تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة وفرنسا بسبب رفض دمج الردع النووي الفرنسي مع دول حلف الناتو، أو قبول قوات أجنبية على أراضيها، وقرر الرئيس شارل ديغول انسحاب بلاده من القيادة الموحدة للحلف، وتم إخلاء حوالى 29 قاعدة عسكرية لقوات الحلف من مناطق فرنسية مختلفة ( حوالى 100 ألف عسكري ومدني).وأثناء حكم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عادت باريس إلى الحلف عام 2009 بعد غياب نحو 43 عاماً.

مواقف ماكرون «الاستقلالية» شبيهة إلى حد ما بمواقف الجنرال ديغول مع فارق الزمن وفارق الشخصيتين، لكن فرنسا التي تطمح لقيادة القارة بعيداً عن السطوة الأمريكية تواجه صعوبة في إيجاد حلفاء أوروبيين يقفون في صفها.

حتى ألمانيا التي كانت تحمل الأهداف نفسها في ظل المستشارة أنجيلا ميركل، لم تعد ألمانيا نفسها في ظل المستشار أولاف شولتس..

اقرأ القصة الكاملة من الموقع الرسمي