لا تملأ جيوبك
في كتابه سر السماح بالرحيل وتحت عنوان: أعطِ قصة حياتك نهاية سعيدة، يذكر «غاي فينلي» مثالاً طالما قرأناه وشاهدناه في طفولتنا وهو ما يفعله أحد الرجال في مقر إقامته حين يحترق، أو تصاب البلدة بأي مكروه حين يهرع لصندوق مجوهراته ويرتدي ما يستطيع منها أو يدسها في جيبه كي يأخذها معه في قارب النجاة، لكن بسبب تأخره يغادر القارب فيلقي بنفسه في البحر رغبة في الوصول إليه لكنه يغرق نظراً للوزن الزائد الذي يحمله.
في الحياة يفعل الكثيرون ما فعله هذا الرجل، يثقلون كواهلهم بحمولة زائدة من الهموم والقلق والاكتئاب، وكلما توغل قارب الحياة في المضي وسط عباب البحر زادت تلك الحمولة وزاد وزن الشخص، وحين يفترض به القفز من القارب قبل غرقه لطارئ أو عطل ما لن يقوى على الوصول إلى قوارب النجاة، ولن يستطيع السباحة ما لم يرمِ بها جميعاً قبل انطلاقه نحو النجاة.
لماذا نحمّل أنفسنا كل هذا القلق؟ لماذا لا نسعى إلى تنظيف دواخلنا كما ننظف خزائننا ومقتنياتنا بين الفينة والأخرى لنُبقي منها ما نستخدمه ونتخلص من كل ما لا نحتاج إليه؟ لِمَ علينا أن نُراكم المشاعر السلبية في قلوبنا وعقولنا حتى تكاد تغرقنا على حين غفلة منا، لِم لا نفعل كما يفعل الرجل الذي هرع لينقذ حياته قبل مقتنياته وسط عرض البحر حين أعلن عن قرب غرق السفينة فأخذ معه أغلى ما يملك: حياته، قبل أي شيء آخر؟ نعرف أن هذه الأفكار مهما بدت واقعية هي مجرد أفكار ووسائل لمنعنا من العيش في هذه اللحظة التي تكون في بعض الأحيان نادرة ولن تتكرر، فرغبتنا في معرفة ما يخبئه لنا القدر في الغد تمنعنا في كثير من الأحيان من الاستمتاع بنِعَم اليوم وبكل ما نملكه، ونشعر به، ونحظى به، ونعيشه.
الحقد الذي يتملّكنا أحياناً تجاه شخص أو أشخاص يمنعنا من العيش بسلام ويُغرقنا في كومة أفكار ومشاعر وحروب داخلية.
الحسد الذي يمنعنا من الفرح مع أي قريب أو صديق حين يكون سعيداً يمنعنا من استشعار كل لحظة سعادة نعيشها؛ لأنه يرغمنا على التفكير فيما لا نملك ويشغلنا بالتفكير فيما يملكه غيرنا وكيفية حصولنا عليه.
لو أننا ملأنا جيوبنا بالمشاعر الإيجابية فسننجو بالطبع ولن نغرق مع الغارقين..












