فرسان الحرية في الثقافة الروسية.. منازلة الإنسان لذاته
يعالج كتاب «فرسان الحرية في الثقافة الروسية» الصادر حديثاً عن مؤسسة «ميسلون» للثقافة والترجمة والنشر، لمؤلفه منذر بدر حلوم، قيمة الحرية عند الفلاسفة والكتاب والشعراء الروس من أوجه مختلفة، ويعرض من التجارب ما يساعد أولئك الذين لم يفقدوا إنسانيتهم حتى النهاية بعدُ في الحفاظ على شخصيتهم وقيمهم في ظروف يدفع كل ما فيها إلى الوحشية بتقديمه نماذج من شخصيات حافظت على إنسانيتها حتى في نظرتها إلى عدوها وعدو وطنها، فبقيت قادرة على رؤية الإنسان فيه.
الفروسية التي تتصدر الكتاب -كما يتبين من النص- هي فروسية منازلة الإنسان لذاته، بالتزامن مع منازلته للاستبداد، وصراعه مع ما تبعثه غريزة البقاء في نفسه من وحشية تجاه الآخرين، حين يصل الأمر بالبعض إلى سرقة اللقمة الأخيرة من فم جائع، فيما يفضل آخرون الموت على فقدان احترامهم لأنفسهم وللكرامة البشرية.
يرصد حلوم في كتابه «فرسان الحرية في الثقافة الروسية» تطور الشخصية في صراعها بين الإرادة والحرية، مؤكداً أن الإرادة الحرة هي وحدها التي تجعل الإنسان إنساناً، وهي أساس الشخصية المبدعة، خلافاً لما يقوم به بعض المفكرين الروس المعاصرين من وضع الحرية في تضاد مع الإرادة لأسباب سياسية.
فلكي تبقى شخصاً حياً وقادراً على العطاء فلا تلجأ إلى كهف اللامبالاة، لا يكفي أن تريد، بل ينبغي أن يتحقق ما تريده، بوصفك إنساناً حراً مسؤولاً أمام شركائك في الوطن، وفي الأحلام والمشاريع والسعي للارتقاء إلى ذُرى القيم الإنسانية.
وفي ذلك تأكيد لنظرة نيقولاي بيرديايف الفلسفية التي تنطلق من «أسبقية الحرية على الحياة؛ ذلك أن الحرية شرط لإمكانية الإبداع والخلق»، كما جاء في الكتاب.
ولعل ما اختاره الناشر من الكتاب للغلاف الخلفي يعبّر عن جوهر الإنسان الحر..