عناوين بمذاق فكري في «بيغ باد وولف»
دبي: عثمان حسن احتلت كتب الدراسات الفكرية المتخصصة حيزاً كبيراً في إصدارات عدد كبير من منشورات دور النشر العربية المشاركة في معرض (بيغ باد وولف) في دورته الجديدة في مدينة دبي للاستوديوهات.
وانقسمت هذه العناوين إلى سلاسل عديدة بعضها يرتبط بمعالجة الواقع المعاصر وتحدياته وإشكالياته الحضارية والثقافية بما في ذلك المجتمعية والسياسية، وقدمت كتب أخرى رؤى فكرية ذات صلة بموجات التغيير في العالم العربي والإسلامي، كما ذهبت بعض المؤلفات إلى مناقشة العلاقة بين الشرق والغرب إما برؤية استشراقية بحتة، وإما من خلال البحث بعمق في ثنايا الصراع الثقافي والحضاري بين الشرق والغرب.
بين أيدينا مجموعة من الإصدارات المهمة التي تتناول هذه العناوين وتغوص في التاريخ ضمن مسارات فكرية متعددة، تطرح مستجدات الحاضر وتحاول استشراف المستقبل.
هناك «الصدام داخل الحضارات..
التفاهم بشأن الصراعات الثقافية»..
لدييتر سنغاس من ترجمة شوقي جلال، والمؤلف هو أحد أهم المنظرين الراديكاليين الألمان الذين أسهموا إسهاماً عظيماً في دراسات التنمية والأمن والسلام، ويقدم كتابه تفسيراً مثيراً للجدل لتعددية الثقافات وصدام الحضارات؛ حيث يرفض المؤلف الموضة الفكرية القائلة إن الحضارات كيانات ثابتة وغير قابلة للتغيير، على سبيل المثال يتناول هذا المؤلف صراع الثقافات من منطلق ما يسميه الثقافات الواردة والثقافات الأصيلة، وقابلية صاحب الثقافة الأصيلة لتبني الثقافة الواردة، أو قدرته على النهوض بثقافته الأصيلة.
والكتاب بحسب ما كتب عنه يقدم إسهاماً مثيراً للجدل في المناظرات المعاصرة المهمة التي قدمها فرانسيس فوكوياما من خلال كتابه «نهاية التاريخ» وأيضاً ما كتبه صمويل هنتينغتون في مؤلفه الشهير «صدام الحضارات» والكتاب يبحث كذلك في أهم القضايا السياسية التي نواجهها اليوم من خلال عدة أسئلة أبرزها: كيف تتأقلم المجتمعات مع التعددية؟ وما دور الثقافة في الصراعات الراهنة التي يعيشها العالم اليوم، هذه الصراعات التي توصف بأنها وليدة الثقافات؟، وهل يمكن أن يكون التسامح حلاً ناجحاً؟..
إلى غير ذلك من الأسئلة.
«ملفات المستقبل..
تاريخ السنوات الخمسين المقبلة» لريتشارد واتسون، وهو كما وصف: كتاب جديد مملوء بالتوقعات التي تبحث في كيف يحتمل أن يتغير العالم في الخمسين سنة المقبلة؟، وللقيام بذلك يتفحص المؤلف الاتجاهات والتطورات التي تحدث بالفعل، ويتوصل إلى عدة توقعات مستقبلية قائمة على الخبرة والمعرفة، على سبيل المثال يطرح المؤلف مسألة التكنولوجيا التي تشكل أداة مهمة للتفكير بالمستقبل، ويطرح الكتاب كيفية التفاعل الإنساني مع هذه التكنولوجيا ومع النتائج الاجتماعية المترتبة عليها.
في ذات السياق، وفي إطار الحداثة المنفتحة على الرؤية الإنسانية الواسعة، يأتي كتاب «بحرنا المشترك..
الشرق مهد الغرب» لياكوهامين أنتيلا، من ترجمة ماريا باكلا، والكتاب يطرح كذلك ثنائية الاقتصاد والسياسة، في ضوء ما طرحته وما تزال وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة حول الفرق الشاسع بين الثقافتين الغربية والشرقية، وهي ذات الوسائل التي طالما تحدثت عن صراع الحضارات أو صراع الثقافات وركزت بوجه خاص على الفرق الكبير بين الثقافتين الغربية والإسلامية، ويقدم المؤلف في هذا الكتاب رؤية منصفة ترى أن ثقافات حوض البحر الأبيض المتوسط تشكل نسقاً متناغماً ومتكاملاً، والكتاب يغوص في الأثر الذي تركه الشرق في الثقافة الغربية، فيلقي الضوء على حضارات الشرق في فارس وبلاد الرافدين ومصر وما قدمته للإنسانية على مستويات عدة في اللغة والأدب والدين والعلوم الإنسانية.
وفي كتاب مهم بعنوان «أوروبا والشرق من منظور واحد من الليبراليين المصريين» للمستشرق الألماني بابر هانزن أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة هارفارد هانز، من ترجمة وتقديم الدكتور خليل الشيخ..
يتتبع المؤلف مشروع الأديب والمفكر المصري محمد حسين هيكل 1888 – 1965 في إطار تحليله للعلاقة بين الشرق العربي وأوروبا، والدراسة تنقسم إلى قسمين: الأول يتوقف فيه المؤلف عند كتابة هيكل الليبرالية الطابع ويبين أبعاد خطابه الذي كان ينطوي على مشروع تحديثي، وفي هذا القسم تسعى الدراسة إلى تبيان الخطوط المعرفية والجمالية التي صاغت نسيج هذا المشروع.
أما القسم الثاني فيرسم ما يسميه (انكسار) هذا المشروع الليبرالي، وقد سعى هانزن إلى دراسة هيكل في ضوء هذا المنظور ومقدار ما تنطوي عليه إسهاماته في هذا المجال من أهمية.
وغير بعيد عن العناوين السابقة، ولكن ضمن أدب الرحلة يبحث كتاب «انطباعات رحالة ياباني عن فرنسا» لريتشارد كوتمبارت من ترجمة الطيب الوراري في مسألة كيف تقدم الأوروبيون وتخلف غيرهم؟، وتدور وقائع الكتاب الذي تم تأليفه في عام 1864 حول مشاهدات وانطباعات رحالة ياباني أجبرته ظروف الحياة على مغادرة وطنه الأصلي وقادته الأقدار إلى فرنسا طلباً للمعرفة التي كان شغوفاً بها منذ الصغر.
يصل الرحالة إلى فرنسا بعد مشقة ومعاناة فيتعرف إلى فرنكور الذي سيصبح لاحقاً دليله ومترجمه في المجتمع الفرنسي، والكتاب مملوء بالقيم والأمثال التي تعبر عن القيم السائدة في فرنسا آنذاك.
كان سؤال تقدم أوربا وتأخر غيرهم؟ قد طرح من قبل رحالة آخرين وفدوا في ذلك العصر إلى أوروبا من عوالم أخرى ومنهم رحالة عرب ومسلمون..












