عمر الكاتب

Image

لا نعني بعمر المبدع عامة، كاتباً كان أو فناناً أو مفكراً، عدد سنوات عمره، كأن نقول إن فلاناً من الكتّاب أو الفنانين توفي عن عمر بلغ هذا العدد أو ذاك من السنوات، أو نقول عن مبدع آخر لا يزال حياً يرزق، إنه اليوم في الأربعين أو الخمسين، أو أقل منهما أو أكثر، من عمره، وإنما نعني بالعمر هنا الفترة الزمنية التي يبقى فيها هذا المبدع في دائرة الضوء، محطّ اهتمام القراء والنقّاد ودور النشر، قبل أن تأتي لحظة تتوجه فيها الأنظار نحو سواه من أهل «الكار» نفسه، خاصة إذا كانوا من أجيال تالية أظهروا تميّزهم.

سيقول قائل إن الإبداع الحقيقي لا يموت، ويظل حاضراً في كل العصور والحقب التاريخية، وسيعطونك الأدلة والبراهين: ها هو المتنبي يعيش بعد ألف عام، إذا ما استعرنا عنوان كتاب أديبنا الكبير الرحل إبراهيم العريّض «المتنبي بعد ألف عام»، وها هو شكسبير يعيش رغم مضي القرون، وها هي الملاحم الإغريقية ما زالت حيّة.

هذا صحيح، لكن الصحيح أيضاً أن هناك شعراء وكتّاباً كباراً، لا يقلون أهمية عن المتنبي أو شكسبير أو سواهما، طوى النسيان ذكرهم.

صحيح أن إبداعهم لم يمت ولا يمكن أن يموت، لكنهم أصبحوا خارج دائرة الضوء، حتى لو تذكر بعض البحّاثة تراثهم وعادوا إليه، فعن ذلك قد لا ينجم كبير الأثر.

قد يحدث أيضاً أن تحولات مجتمعية وفكرية تحدث في مسار التطور التاريخي تلفت النظر إلى مفكرين اعتقد الكثيرون أنهم باتوا في خانة النسيان، وما هذا بصحيح.

حين كتب فرانز فانون كتابه الشهير: «بشرة سوداء..

أقنعة بيضاء» لم تكن ما أصبحت تعرف بدراسات «ما بعد الكولونيالية» قد ظهرت بالوضوح التي باتت عليه اليوم لتلفت النظر إلى مجمل تراث فانون، وحين حدثت الأزمة المالية العاصفة في العام 2008، وأصبح تدخل الدولة لإنقاذ الوضع ضرورياً، عاد كارل ماركس وكتابه «رأس المال» بقوة إلى الواجهة.

مقالة لجورج لوكاش عنوانها: «بلزاك والمجد الآتي بعد الوفاة» كتبها في العام 1922، قاربت هذا الموضوع بصورة ما.

يومها كانت قد مضت مئة سنة على صدور مؤلفات بلزاك الأولى التي ذاع صيتها، ولكن بلزاك، وبتعبير لوكاش، «سقط شيئاً فشيئاً في عالم النسيان»، ولم يحدث ذلك بالمصادفة ولا إلى صعود نجم كتّاب كانوا دونه بكثير من حيث الأفق الروحي، وإنما إلى أن المرحلة تغيّرت اقتصادياً واجتماعياً، وليس هدف لوكاش توضيح ذلك وإنما الدعوة لإعادة الاعتبار لبلزاك..

اقرأ القصة الكاملة من الموقع الرسمي