اليمن.. أول الغيث
تمثّل عملية تبادل الأسرى التي جرت قبل أيام بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، وشملت نحو 900 أسير، اختراقاً مهماً في جدار الأزمة المستعصية منذ ثمانية أعوام، وتفتح باباً واسعاً للسلام، بالتوازي مع جهود إقليمية تقودها المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان لإغلاق ملف الحرب المدمرة التي أدت إلى مقتل وجرح مئات الآلاف، فيما نزح 4.5 مليون شخص داخلياً، وأصبح أكثر من ثلثي سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر، إضافة إلى الدمار الذي لحق بآلاف المنازل والمؤسسات العامة والمرافق الحيوية والبنى التحتية، وهو ما يستلزم جهوداً محلية وإقليمية ودولية لإعادة الإعمار، لتمكين اليمن من استعادة عافيته.
وعلى وقع هذا التطور الإيجابي من المنتظر عقد اجتماع آخر في منتصف الشهر المقبل، للبحث في استكمال تبادل الأسرى وفق صيغة «الكل مقابل الكل»، أي تبييض كل السجون والمعتقلات من الأسرى والمحتجزين من الطرفين؛ إذ إن المعلومات تتحدث عن صفقة لتبادل نحو 700 معتقل من كل طرف.
وبالتوازي مع هذا الإنجاز، ستستكمل المحادثات التي بدأها سفير السعودية في صنعاء محمد آل جابر بعد عيد الفطر، مع جماعة الحوثي، لمناقشة القضايا العالقة، بعدما تم الاتفاق على عدة نقاط تتعلق بإعادة فتح مطار صنعاء، وميناء الحديدة، ودفع رواتب الموظفين، وتوحيد العملة، وإعادة العمل في البنك المركزي من العاصمة اليمنية.
ولأن تداعيات الحرب وآثارها كانت كبيرة ومتشعبة، فإن المحادثات التي تستهدف التوصل إلى إغلاق ملف الحرب نهائياً، تقتضي الصبر والحكمة والتمهل، خصوصاً أن الملفات المتبقية تتعلق بقضايا سياسية وأمنية حساسة، لها علاقة بالحل السياسي الشامل، ومستقبل اليمن ودوره وشكل نظامه، وبالوضع الداخلي وكيفية تسوية العلاقات بين الشمال والجنوب، وقبل ذلك تثبيت هدنة دائمة، يتم خلالها مناقشة القضايا الآنفة الذكر، وصولاً إلى الاتفاق الشامل والتسوية السياسية من خلال الحوار.
وزارة الخارجية السعودية أكدت، في بيان لها، أن اللقاءات التي جرت في صنعاء اتسمت «بالشفافية وسط أجواء تفاؤلية وإيجابية، ونظراً للحاجة إلى مزيد من النقاشات، فسوف تستكمل تلك اللقاءات في أقرب وقت»، من جانبه، أشاد مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين بالأجواء الإيجابية التي سادت المحادثات مع الوفد السعودي، وقال: إنه «تم الاتفاق على عقد جولة جديدة بعد عيد الفطر، نظراً لطبيعة القضايا التي تمت مناقشتها».
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غرودنبرغ أعرب عن تفاؤله بما تحقق باعتبار ذلك «فرصة جادة لإنهاء النزاع»، وقال: «إن أي اتفاق جديد يجب أن يكون خطوة واضحة نحو عملية سياسية بقيادة يمنية».
لا شك أن قرار إغلاق الجرح اليمني المفتوح منذ ثمانية أعوام، جاء بعد نجاح الوساطة الصينية بين السعودية وإيران، واتفاقهما على إعادة العلاقات الدبلوماسية، وفتح السفارات في البلدين، ما قد يسهم في إعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، نظراً لدور البلدين في مجمل قضاياه..












