المضاف إلى صناعة الإبداع

Image

هل قصّر القلم أمس في حبكة موضوع الدور الذي تستطيع المناهج أن تلعبه في صناعة الأدباء والكتّاب؟ أم أن الطرح هو أصلاً غير وارد، فهو في منظار النقد السليم شِقشِقةٌ هَدَرَت، بتعبير الإمام علي، كرّم الله وجهه، أو غُثاء كلام، أو فكرة اعتراضيّة لا محل لها من إعراب العقل؟ لكن، معاذ الله القول كخطرفة صائم.

أليس من الاستهانة بقيمة الإبداع وقيمه، أن يُترك شأنه للمصادفات الذاتية، بدعوى أن النابغة يولد عبقرياً فلا يحتاج إلى مراحل زراعية، فهو ينبت وينمو وحده، كزعتر في جبل أو حبَق على ضفاف نهر، بابونجٍ في السهل أو كعابق الخزامى؟ ما هو رد مثل هذه الأوهام عند التفكير العقلاني؟ الانطلاق السليم هو من السؤال الجوهري: بماذا يَبني المبدع إبداعه؟ الجواب الذي يختصر الوقت ويُجنّب العقل الوقوع في متاهات الهذر والهذيان، هو البرهان القاطع على عدم وجود شيء في الكون، ممّا دون الذرّة إلى ما فوق المجرّة، غير قائم على العلم: الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء والأحياء، من الفوتون إلى الكون كله، ومن البكتيريا إلى جسم الإنسان ودماغه الجبّار.

كل شيء علم في علم.

قدماؤنا هم الذين اخترعوا عبارة: «الأدب هو الأخذ من كل شيء بطرف»، ما يعادل الثقافة العامة عندنا.

مقولتهم رائعة؛ إذ كيف يتعامل من يصبو إلى عوالم الإبداع الأدبي مع الحياة، بكل أنواعها ومنوعاتها وتنوّعاتها وتنويعاتها، وهو لا علم له بأبجدية الكون والحياة؟ بأي سطحية وخرافات وأساطير وأوهام سيجعل أجرام عقولنا تدور في أفلاك مجرّات المعارف الكونية، وتسحر مُهجنا ببلاد عجائب الحياة.

إذا كان الإبداع بنياناً قائماً على علوم ومعارف أو لا يكون، فلا بد من أن نجعل استشراف ظهور الإبداع معزّزاً بالاستعدادات الضرورية للتكوين والتأهيل.

هذا يستوجب أن تضطلع المناهج بدور يتمثل في تهيئة التربة والماء والهواء الملائمة لاستقبال بذرة الإبداع.

الإبداع بالحرف والكلمة لبناته: الإلمام بالقواعد وروائع جماليات اللغة والإحاطة بأكبر قدر ممكن من الأساليب التراثية والحديثة.

سذاجة أن نحسب تقنيات القرون الخالية «دقّة قديمة».

تلك التقانات اللغوية تربي عضلات القلم، والعضلات محال أن تصير موضة بالية.

لن يكرهك أحد على استعمال قاموس المعرّي والتوحيدي.

لماذا من الضروري لدى عازف البيانو التدرّب على مهارات شوبان وفرانز ليست؟ لو كان أهل المغنى اليوم يربّون عضلات حناجرهم بقدرات كلثومية ووديعية، ما كان بعوض الأغاني المبتذلة يطنّ في آذاننا.

لزوم ما يلزم: النتيجة النظرية: تهيئة التربة والماء والهوى لبذرة الإبداع هي أمانة المناهج..

اقرأ القصة الكاملة من الموقع الرسمي