المجتمع والفن

Image

إن أكثر ما يساعد المجتمعات محتوى الفن الذي يحترم القوة، ويعزز القيم والتفكير العلمي، ويسهم في مساعدتها على الانتقال السلس بين الأزمنة.

ومع كل عمل ندرك ازدياد الحاجة للأدباء والفنانين أصحاب المحتوى الراقي، لكونهم الأشخاص الحقيقيين القادرين على تقديم الكثير لمساعدة المجتمعات، والداعمين الأساسيين لتقدمها، والملهمين القادرين على قيادة الرأي العام وتوجيهه للأفضل.

هناك نظريتان حول الفن والأدب، أولاهما «الفن من أجل الفن» ولغرض الترفيه عن الناس، والثانية «الفن لهدف مجتمعي» بغرض محاربة سوء السلوك والدفاع عن القيم ومن أجل خدمة القضايا المجتمعية والعمل على تحسين الحياة بين البشر، وهنا يكون السؤال اليوم عن أي نوع من الفن والأدب يحتاج إليه العالم لتطهير المحتوى الفكري والمرئي الذي تزدحم به وسائل الإعلام بأنواعها، ودَور الأدباء والفنانين، بعد أن أصبحت وسائل الإعلام أداة قوية في أيدي الناس، وبات بإمكانهم التعبير عن أنفسهم لكنهم بحاجة إلى إلهامهم للتمييز بين الأفكار الرديئة، ومستوى وقيمة الأدب والفن في حياتهم.

فهل الفن الأصدق هو فن الترفيه عن النفس، أم الآخر الذي يمسّ حيوات الناس، ويسهم في تحسين ظروفها؟ إن ما نشاهده اليوم من محتوى فكري وفني قد لا يرقى إلى ما هو متوقع مع بزوغ عصر التقدم العلمي الذي يتيح للإنسان تغيير ظروفه الاجتماعية بجهوده الخاصة، والارتقاء بقيمه، لكن النظرية الأكثر أهمية وفائدة لعالم تغيّر إلى درجة لا يمكن تصورها، وانقلبت موازينه بطريقة غير مسبوقة، ليست تلك التي تؤيد أن يستمر الكاتب والفنان في تقديم ما يتمحور حول الفن والأدب، ولا يتعاطى مع شؤون المجتمع، ولا ينزل إلى شوارع العامة، بل من يقف في مواجهة التحديات والمشكلات الاجتماعية ويقترب من احتياجات الناس وهمومهم ليقاسمهم إيّاها.

ولا يحتاج الناس اليوم، إلى شعراء يتغنون بالحب والأحلام، وفنانين يرسمون صوراً من الخيال، بل يريدون شاعراً يصف لهم معاناتهم، ويضع أيديهم على الجروح، ويلهمهم القوة لتحسينها، من دون التخلي عن قيمه العالية.

ولا يهتمون بمتابعة السيناريوهات المكتوبة عن أبطال حروبهم لأجل المال والشهرة والنفوذ، بل يريدون قصصاً تلهمهم القدرة على الثقة بالتغيير، وبأن لديهم فرصاً للتحسين الذاتي، وتحفيزهم على الخروج من المحن، الاقتصادية والاجتماعية بسهولة.

هناك فن وأدب جيد اليوم، ويجب ألا تترك الساحات للمحتوى التجاري، بل على الأدباء والفنانين التحرر من زنازين عالمهم الخاص، والخروج لإعادة نسج خيوط الأدب الجيد، وإدارة محتوى يعالج القضايا، ويساعد الناس على التخلص من معاناتهم ومشكلاتهم المجتمعية المتزايدة.

إن الفن الذي لا يخدم الناس، ولا يتعاطف مع معاناتهم، ولا يلهمهم من أجل حياة أفضل، لا يمكن أن يطلق عليه فناً ما لم ينصهر مع الناس، ويواجه وإيّاهم ظروف القسوة، ويساندهم للعيش في مجتمع مرن قادر على تغيير ظروفه الاجتماعية وتحسينها باستمرار..

اقرأ القصة الكاملة من الموقع الرسمي