هل يوجد معنى آخر للشعر غير جوهره الجمالي، وسحريته البلاغية، وقدرته على تحويل اللغة إلى صور ودم ومياه؟؟..

من يقرأ «فن الكتابة»: عند الصينيين «ترجمة: عابد إسماعيل»، يتبيّن له أن الصين، بلاد الروح الكونفوشيوسية، يقوم الشعر فيها أساساً على جوهر ديني، قبل الفكر واللغة والفلسفة والجمال.

الدين أساس للشعر، والله دائماً في قلب الشاعر.

في «فن الكتابة» يأتي أن الشعر يقوّم الخطأ، ويحرّك السماء والأرض والأرواح والآلهة، كما أن التاويين وهم طائفة فلسفية معتقدية يعزون قوى خارقة للشعر، غير أن طريقتهم أكثر جوّانية وعرفانية.

كان النظام الرفيع لامتحانات الخدمة الحكومية في الصين، كما جاء في الكتاب..

والذي استمر حتى بدايات القرن العشرين «..

كان يتطلب من المسؤولين الأكاديميين أن يكونوا ضليعين بالأدب الكلاسيكي، وممارسين للشعر وفنّ الخط».

أيضاً، تستطيع تلمّس نوع من التصوّف الشرقي العتيق في علاقة الحضارة الصينية بالشعر.

الشعر طقس وإشراق في عرف تلك الحضارة..

عندما يأخذ الخطّاط قسطاً من الراحة، ويذهب لمشاهدة امرأة تؤدي رقصة السيف، يباغته إشراق مفاجئ عن طبيعة فنّه ذاته..

غير أنني توقفت ممتلئاً بالإعجاب عند تفريق الصينيين القدماء بالطبع بين الشعر وبين النثر:..

ما الفرق بين الشعر والنثر؟..

يسأل وانغ جي لينغ:..

يجيب ووكياو بأن رسالة الكاتب مثل الأرز:..

عندما تكتب نثراً، فإنك تطبخ الأرز، عندما تكتب الشعر، فإنك تحوّل الأرز إلى شراب.

طهو الأرز لا يغيّر شيئاً من شكله، لكن تحويله إلى شراب يغيّر شكله وخصائصه.

الأرز المطبوخ يجعل المرء يشبع، ويحيا حياة كاملة.

عند الصينيين، ثمة رحلة روحية للخيال، بل، في اعتقادي المتواضع أنه ربما كانت ثمة رحلة روحية أيضاً للغة أو للكلمات، وفي الشعر الكبير ليس في الصين وحدها، بل في ثقافات وأدبيات العالم كلّه، تلك العظيمة منها، تتحوّل اللغات إلى أرواح، ويصبح النص الشعري والموازي له النثري في عظمته وشفافيته طريقاً إلى النور.

يقول كونفوشيوس:..

«أليسَ شيئاً قاسياً ذاك الذي تطحنه ولا ينقص؟..

أليسَ لونه أبيض إذا كان الدهان الأسود لا يبقّعه؟..»..

وأنت صديقي القارئ قد تتساءل أيضاً...

أليس النصّ الديني أو المعتقدي أو الأسطوري في الشرق تحديداً هو في صورة من صوره..

شعراً، بل، شعراً مُنَقّى، مصفّى، بمنخل من حرير، وفيه أيضاً أرز مطبوخ وَمُقطّر، إذا أكلته لا تشبع، وإذا شربته لا ترتوي؟، هكذا كان طعام الصينيين القدماء، وشعرهم أيضاً..

اقرأ القصة الكاملة من الموقع الرسمي