ألمانيا عقل الحضارة الغربية

Image

القاهرة: الخليج ظلت الفلسفة منذ أن تأسست على يد فلاسفة الإغريق في الألف الأول قبل الميلاد، الأساس الذي يقف عليه العلم، لأن الفلسفة تحاكي العقل، وتنطق بما يعتمل به من أفكار، ولا مجال فيها للعواطف والأحاسيس، وقد خملت الفلسفة ببعدها العلمي البحت، بتأثير القرون الوسطى في أوروبا، مدة ألف عام، حيث ظهرت آنذاك فلسفة يقوم أساسها على اللاهوت، وكان من أبرز أعمدتها أوغسطين في كتابه «مدينة الله» وكذلك توماس أكويناس الذي انتقد الفلاسفة لأنهم يسمون أنفسهم بالفلاسفة بدون أن يمتلكوا الحكمة الحقيقية الصحيحة، على حد تعبيره.

وعندما ظهرت حركة الإحياء الفكري في أوروبا ابتداء من القرن الرابع عشر من قبل بعض المفكرين، عاد تيار العقل ليشق طريقه في أوروبا وسرعان ما انزوت الكنيسة ومعها فلسفة اللاهوت على حساب صعود فلسفة العقل، وكما مثلت بلاد الإغريق في العصور الحديثة منبع الحكمة وشعلة العلم، فإن ألمانيا لعبت الدور نفسه في العصور الحديثة، إذ ظهر فلاسفة عظماء فيها، وتركوا بصمة لا تمحى في تاريخ العلم حتى النهاية وعلى رأس هؤلاء أبو الفلاسفة هيجل وكانط ولايبنتز وشوبنهاور ونيتشه وقد أصبحت ألمانيا هي عقل الحضارة الغربية، وفيها نشأت الأفكار الثورية التي تركت أثراً عميقاً في الحركة الإنسانية العالمية.

وبعد أن أينعت ثمار الفلسفة في القرن التاسع عشر من خلال ظهور النهضة الصناعية التي بلغت ذروتها في القرن العشرين، فقد تم طرح سؤال على نطاق واسع في العالم مفاده: هل ثمة داع لبقاء الفلسفة؟ وهل هناك أفكار جديدة يمكن أن يعالجها الفلاسفة؟ في الحقيقة لقد خبا وهج الفلسفة إلى مدى بعيد بسب تقدم العلوم التطبيقية كثيراً، لكن رغم ذلك فإن الفلسفة لا تنتهي طالما ظلت هناك أسئلة يطرحها العقل وتحتاج إلى إجابات منطقية وهذه الأسئلة تنجم عن المشكلات التي تظهر من جراء التطبيق لفكرة معينة على أرض الواقع.

وقد أصدرت دار أقلام عربية كتاب «الفلسفة الألمانية الحديثة» لروديجر بوبنر ترجمة فؤاد كامل، ويتناول المشاكل التي تصدت لها الفلسفة الألمانية وذلك من خلال جمهرة كبيرة من الفلاسفة على رأسهم هوسرل، وهيدجر، وجادامر، ولوكاتتش وفتجنشتين وسواهم، والكتاب لا يضع نتائج يقينية للأبحاث التي يعالجها، لأن الفلسفة مفتوحة لتلقي الأفكار الجديدة، وما كان سيئاً في حقبة زمنية معينة قد يصبح غير ذلك في حقبة أخرى، وهذه المظاهر تدفع الفلاسفة نحو نزعة شكية شاملة تنظر إلى كل شيء، دون استثناء، على أنه نسبي، والكتاب مليء بالفكر الفلسفي الخالص الذي يثري العقل بمفاهيم جديدة تمثل معرفتها ضرورة حتمية لكل باحث عن المعرفة والحقيقة.

في العقود الأخيرة طرأ على الفلسفة في ألمانيا تغير واضح وسريع، وكان على المدرسة الظاهرية السائدة منذ النصف الأول من القرن العشرين، وما برحت نشطة بفروعها في فلسفات الوجود وعلوم التأويل، كان عليها أن تتصالح مع التقبل المتزايد للفلسفة الوافدة من البلدان الأنجلو سكسونية، تلك البلدان التي عمدت إلى إحياء الاهتمام بفلسفة العلم على نحو فعال، بعد أن كانت هذه الفلسفة قد توقفت منذ العشرينات..

اقرأ القصة الكاملة من الموقع الرسمي